”سيدة”بائعة.. تُعافر الحياة من أجل بناتها

"كل سنة وأنا طيبة.. كل سنة وانا أم قوية بتعلم وبتستر بناتها.."

تجلس فوق طاولتها ويحاصرها الخضار من كل جانب، لتنادي و-تناغش- المارة ضاحكة، "خدي هنا يا بت يا حلوة انتي ..شوفي البسلة الطعمة يا طعمة .."

تقترب منها فتحادثك وتحكي بعفوية حكايتها بادئة بـ"أمي كانت ديمًا تقولي اسمك على مسمى يا سيدة، وفعلًا أنا اسمي وطبعي سيدة، وربيت بناتي على إنهم يكونوا أسياد ..مفيش راجل يكسرهم ولا حياة تهزمهم.."

تقاطعها فتاة ترغب بكيلو –قلقاس- تضحك معها وتزن لها ما ترغب، وتعود لحديثها "سِلو بلدنا إن البنت تتجوز صغيرة واتجوزت وأنا معرفش (2+2) كام، واتعلمت من الحياة و-الخِلفة- بس جوزي معجبهوش يعني إيه اجبله 4 بنات وماجبش واد يحمل اسمه.."

"يا سيدة ابعتيلي –مشنّتين- من عندك" فترسل سيدة للبائعة المجاورة  ما تريد مُناغشة وضاحكة معها،وتقول "اهو البياعة دي حبيبتي ..كل عيد أم تجيبلي هدية، أصل أمها ماتت وهي ولا اتجوزت ولا خلفت، يلا ربنا يكرمها، وبناتي لما بيجولي السوق بتعملهم احتفال، أصل بناتي دكاترة يشرحوا القلب.."

تركها زوجها من أجل الولد، وتزوج من أخرى، ليترك لسيدة 4 بنات وبيت إيجار، "سبني أنا والبنات من غير قرش صاغ في البيت.." أخذت 4 فتيات في مقتبل المراهقة وجاءت إلى القاهرة، "مكنش فيه شغل ولا بيت يلمّنا بس ربك سهلها ووقفلنا ولاد الحلال واشتغلت في السوق، واديني دخلة على العشر سنين في مكاني هنا.."

بوجه نحته الحزن والشقا وبكلمات عفوية تقول:"ربيت بناتي وعديت بيهم كل المشاكل لحد ما بقوا دكاترة يشرحوا القلب، وجيت عند جواز بنتي الأولى جوزها كان بيسأل أهل الحتّة عننا فرد واحد منهم عليه –بلاش البنات دي ..دول تربية ولية- الولد مسمعش لكلامهم وجيه خطبها واتجوزها واهو اديني سترت كل بناتي وتربية –الولية- نفعت عن تربيتهم!"

تواصل"سيدة" عملها بالسوق ليس من أجل الأموال، بل لأنها شغوفة بعملها، "أنا السوق بقى عيلتي وزي ما ربيت بناتي بربي بنات البياعين اصحابي هنا، أصل تربية البنات مُتعة، وتربية -الولية- بتنفع.."